روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات دعوية | الولاية العامة للمرأة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات دعوية > الولاية العامة للمرأة


  الولاية العامة للمرأة
     عدد مرات المشاهدة: 4249        عدد مرات الإرسال: 0

¤ السؤال: هل يجوز أن تتولى المرأة منصبا كبيرا كرئيس الدولة أو رئيس الوزراء؟

* الجواب: خلق الله تعالى آدم وحواء من نفسٍ واحدة، وهذا بيِّن من خلال قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء:1] ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} [الأنعام:98] والآية تشير أن كلاً من آدم وحواء خلقا من نفس واحدة، ثم بثّ منها رجالا كثيرا ونساءً، والمستقر رحم المرأة حيث يقر الجنين فيه، وهو المشار إليه في قوله تعالى {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ} [المؤمنون:13] أما المستودع فهو الحياة الدنيا يكون الإنسان فيها كوديعة تُرد إلى بارئها يوم يقوم الناس لرب العالمين.

البشر رجالهم ونساؤهم متساوون، قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات:13]   كما أنهم متساوون في التكليف {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل:97]

ولم يفرق القرآن الكريم بين الناس بناء على أجناسهم أو ألوانهم أو أنسابهم، والتكليف موجه لجميع البشر على حد سواء ذكورا وإناثا إلا ما يقتضيه إختصاص الطبيعة فيخرج من دائرة الخطاب عقلا كالأحكام المتعلقة بالحمل والإرضاع والولادة، أو ما نص الشرع على تخصيص الرجال به دون النساء كجعله مسؤولا ومكلفا بقيادة الأسرة كما يظهر ذلك من خلال قوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ...} [النساء:34].

ومن هنا نفهم أن الدرجة المذكورة في قوله تعالى {وللرجال عليهن درجة} أي للأزواج على زوجاتهم وليس على اطلاقه كما فهمه القائلون بعدم جواز أن تكون المرأة صاحب ولاية عامة.

والقرآن الكريم إذ يُثني على ملكة سبإ وما كانت عليه من حلم وصبر وشورى فإنه يذم فرعون لكونه متجردا عن كل ذلك، وعليه فإن توافر الصفات القيادية ومن ثم إتباع قواعد الحكم الصحيحة من شورى وعدل وغير ذلك هي المعايير المعتبرة لصحة تولي الحكم، وعلى المسلمين أن يعتبروا هذه المعايير بغض النظر عن كون المترشح للمنصب ذكرا كان أو أنثى.

= ما الذي دفع كثير من الفقهاء للقول بتحريم الولاية العامة على المرأة؟

إنّ القراءة التاريخية للنصوص ومحاولة تطويع النصوص للتصورات المسبقة والتقاليد الموروثة هو ما دفع كثير من علماء المسلمين إلى القول بحرمة تولي المرأة المناصب العامة، كما ذهبوا يتجولون بين النصوص باحثين عما يؤيد فكرهم ونظرتهم للمسألة، وقد بنوا معظم أدلتهم على علاقة الرجل بزوجته وبأهل بيته متناسين أن أحكام الأسرة والعلاقة الزوجية تختلف عما نحن بصدده، فلا يوجد زوجة ذات فطرة سوية تفضل زوجا مقودا، بل تتفاخر النساء بالزوج القائد صاحب الشخصية النافذة، بينما لا تجد المرأة غضاضة أن تكون وزيرة أو رئيس دولة.

= مناقشة أدلة مانعي المرأة من تولي المناصب القيادية:

1- إحتج المانعون بقوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ...} [النساء:34] قالوا إن الآية ظاهرة في كون الرجل هو صاحب القوامة، وقد فسروا القوامة بالقيادة مطلقا، وهذا غير مسلَّم، فالقوامة مصطلح خاص يبين موقع الرجل في الأسرة فقط، ويتحدد من خلاله واجبات الرجل والتزاماته تجاه أسرته، أما خارج الأسرة فليس للرجل قوامة على نساء العالمين، وفي أحيان كثيرة تكون المرأة قائدة للرجل ومسؤولة عنه كحال المديرة في العمل تجاه موظفيها من الجنسين وهكذا.

2- قال تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء:11] قالوا هذا يدل على تميز الذكر على الأنثى وولايته عليها، وهذا غير صحيح على الإطلاق لأن الآية تبين أنصبة الميراث وهي ليست في سياق الولاية، والميراث جزء من النظام المالي في الاسلام، حيث يعطي الذكر ضعف أخته نظرا لما يحمله من أعباء مالية بدءا بدفع المهر عندما يتزوج وتأمين البيت والنفقة وغير ذلك بينما تعفى المرأة من ذلك إلا أن تتصدق.

3- يحتجون بقوله تعالى على لسان امرأة عمران {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران: 36] ولا يصح الإستدلال بهذه الآية على من له أحقية الولاية، معلوم أن أم مريم نذرت ما تحمله خادما في بيت الله ليقيم الصلاة للناس وهذه المهمة لا تستقيم للمرءة، لهذا قالت أم مريم وليس الذكر كالأنثى.

4- يحتجون بقول النبي صلى الله عليه وسلم، لما علم أن الفُرس إستخلفوا عليهم ابنة كسرى «لا يفلح قوم تملكهم امرأة » أخرجه البزار في مسنده 3647، والبيهقي في الدلائل 4/390 والترمذي 2262، والبزار 3649، والنسائي 8/227، والحاكم 3/118-119 و4/291. إنفرد أبو بكرة رضي الله عنه بهذا الحديث وقد روي عنه بعدة ألفاظ، ولا يفهم من أي منها أنه لا يجوز أن تتولى المرأة الحكم، وغاية ما في الحديث بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بزوال ملك كسرى، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا على كسرى أن يمزق الله ملكه كل ممزق وذلك بعدما سمع أنه مزق كتابه الذي أرسله إليه، وكان لابد أن يقول النبي ذلك بعد أن لم يبق من أبناء كسرى سوى إبنته بعد أن قُتل وأبناؤه نتيجة لفساد داخلي، هكذا ينبغي أن يُفهم الحديث ولا يصح تحميله أكثر مما ينبغي.

ولا يمكن للنبي أن يصدر حكما عاما بعدم فلاح قوم يولون أمرهم امرأة لمجرد كونها امرأة لأن ذلك مخالف لما أورده القرآن بخصوص صلاحية المرأة للحكم ومثاله بقليس ملكة سبأ حيث أثنى على طريقة حكمها التي إعتمدت الشورى وأشركت القوم في الحكم، ثم إنه مخالف لمبدأ المساواة بين الجنسين في التكليف إلا ما إقتضته الطبيعة من إختلاف.

5- يقولون إن طبيعة المرأة لا تحتمل أو لا تقدر على تحمل تبعات الحكم، وهذا غير مسلَّم كذلك، فبعض النساء لها القدرة الكافية للقيادة وتحمل تبعاتها مما يسقط دعوى عدم القدرة، والتاريخ يشهد لذلك وما ضربه القرآن الكريم عن ملكة سبأ خير مثال.

6- إحتجوا بقوله تعالى لنساء النبي {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] قالوا إن الخطاب وإن كان خاصا بنساء النبي إلا أنه يشمل المسلمات جميعا.

وهذا تعميم في غير محله ولا يقبله عرف اللغة ولا القياس، فالخطاب موجه لنساء النبي خاصة، وقد جاء في الآية التي قبلها {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب:32] كما أنهن مكلفات بذكر ما كان يتلى في بيوتهن من كتاب الله والحكمة -بعد أن أمر الله تعالى نساء النبي بالقرار في بيوتهن جاء قوله تعالى {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب:34]، فإقتضى أن يقرن في البيوت حتى يؤخذ العلم من مكان معلوم، ولأنهن أمهات المؤمنين والأم تُقصد في بيتها وفي ذلك مزيد إكرام لها.

الكاتب: جمال أحمد نجم.

المصدر: موقع حبل الله.